منذ ان خلق الله البشرية كانت ومازالت بحاجة الى نظام يحكم الحياة اليومية في مجتمعاتها ويضبط إيقاع تضارب المصالح بين افرادها وإلا عمت الفوضى والاقتتال وانتهى وجود المجتمع , وتتمثل تلك الحاجة بضرورة وجود قواعد ملزمة تحكم المجتمع أيا كان مصدرها التشريع او العرف او الدين او قواعد العدالة.
فالقانون ظاهرة اجتماعية موجودة ومستمرة في وجودها فرضتها علينا الحاجة الى وجود مجتمع منظم يعيش بعيدا عن الصراع فهناك علاقة تبادلية قائمة ومستمرة بين القانون والمجتمع الذي أنتج ذلك القانون وكما يقول أحد الفلاسفة (ان المجتمع أنتج القانون الذي انتجه) أي ان المجتمع هو الذي أنتج القانون والقانون من خلال تطبيقه والالتزام به من جميع افراد المجتمع سيخلق نوعا من الالتزام بقواعده وينتج مجتمعا منضبطا سائرا على سلوك معين وينقل هذا الالتزام من جيل الى جيل.
ان مهنة تعليم دراسة القانون ليست من المهن السهلة فهي تحتاج الى شخص ملم بقواعد القانون في مجال اختصاصه على صلة وثيقة بالمجتمع وحاجاته وتأثير القواعد القانونية فيه وعلاقة التأثير والتأثر المتبادلة تلك بين القانون والمجتمع ليتمكن من خلال ابحاثه الواقعية ومن خلال صنعة تدريس القانون من الكشف عن الترابط المطلوب بين القانون والمجتمع ويساهم بتدريسه وابحاثه في خلق مجتمع واع ذو ثقافة قانونية تؤهله ليكون فاعلا في اصلاح المعوج والنهوض به بوسائل تتولاها السلطة التشريعية التي تحتاج دائما الى ان تكون المسارات القانونية الحالية والمستقبلة واضحة امامها بمساعدة المتخصصين في صنعة القانون.
ان القانون ودراسته وتدريسه ذو صلة وثيقة بالواقع اليومي الذي نعيشه في مجتمعاتنا , فلا يمر يوم الا وتكون هناك واقعة قانونية او تصرف قانوني مرتبطان بحياتنا او بحياة أشخاص قريبين منا من ولادة او وفاة او زواج او طلاق او بيع او شراء او مقاولة او تعيين او ترفيع وظيفي او انتخابات او جريمة ترتكب او صراع دولي او غيرها من الحوادث التي تقع اراديا او لا اراديا وتتعلق بمختلف أنواع القوانين المدني والجنائي والإداري والاحوال الشخصية والدستوري والدولي وغيرها, ومثلما يحكم القانون مختلف جوانب حياتنا اليومية فأننا بحاجة كأفراد مجتمع ان نكون على دراية وثقافة قانونية تؤهلنا للعيش في ذلك المجتمع وهي ضرورة من ضروريات الحياة في الوقت الحالي وبشكل خاص ضرورة معرفتنا بأهم القوانين التي تحكم حياتنا اليومية , فلا يشترط ان نكون قضاة او محامين او أساتذة قانون او موظفين قانونيين لكي نكون على المام ودراية وثقافة قانونية , إذ أن القاعدة المعروفة في إطار الدراسات القانونية هو ان الجهل بالقانون لا يعتبر عذرا لمن ارتكب فعلا واحتج بجهله بالقانون , ومن ثم حاجة القانون للمجتمع وحاجة المجتمع للقانون تحتم على الجميع ان يهتموا بشكل فاعل بمعرفة القانون واهم ما يحكم حياتهم من قواعده , وهذا يحتم أيضا ان يكون لأساتذة القانون دور اكبر في نشر الوعي القانوني داخل المجتمع بأكمله وليس داخل الجامعة والكلية.
الأستاذ الدكتور
عقيل فاضل الدهان
عميد كلية القانون